يطال تأثير الذكاء الاصطناعي جوانب حياتنا كافة، ولا يستثنى من ذلك قطاع الوظائف بالتأكيد! إذ ومع التطور الكبير الذي يشهده مجال الذكاء الاصطناعي وتعلم لغة الآلة، أصبحت التوقعات تدور حول احتمالية اختفاء بعض الوظائف البشرية عن الوجود، وظهور أخرى بديلة، بل وتطور بعضها إلى حد كبير جداً. وهذا بالتحديد ما يبحث فيه هذا المقال، فإذا كنت أحد هواة التكنولوجيا، وترغب في مواكبة التغيُّرات التي تحدث في العالم، وتسعى لأن تبقى في طليعة سوق العمل والتقدم الوظيفي، فما سنناقشه فيما يلي سيحظى باهتمامك لا محالة!
وظائف يهدد الذكاء الاصطناعي وجودها
إليك قائمة بأهم الوظائف التي يتوقع اندثارها، وكيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على تلك الوظائف والعاملين فيها:
1. قيادة المركبات
إذا كان عملك يعتمد على قيادة الآلات أو المركبات أو السيارات، فقد يهدد الذكاء الاصطناعي بأخذ مكانك قريباً؛ ويُعزى ذلك لتكنولوجيا القيادة الذاتية، التي تدعمها بالفعل الحكومات حول العالم، فهي قادرة على تلبية حاجات الناس للتنقل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع دون الحاجة إلى الراحة.
ولنجعل تخيّل المشهد أسهل بالنسبة لك، سنأخذ شركة تسلا للسيارات كمثال على المركبات ذاتية القيادة والتي تعمل بالذكاء الاصطناعي، فسيارات تسلا قادرة على دراسة الطريق والإحساس بالأجسام المحيطة، والتحكم بالوقوف والسرعة، وحتى أنها قادرة على الاصطفاف لوحدها!
2. الزراعة
كانت الزراعة في الماضي مهنة تحتاج إلى عدد ضخم من العمال، ولكنها أصبحت آلية بشكل مدهش في الدول المتقدمة. وفي حين أن الزراعة في الدول النامية تعتمد بشكل كبير على العمالة البشرية، فإن الزراعة الحديثة تشق طريقها لتكون في متناول الأيدي في مختلف الدول.
وصل الأمر من التطور قدرة مهندسي الزراعة على معرفة مساحة الحقل بوساطة المُسيّرات، ومع التكنولوجيا الجينية التي تعدّل البذور وراثياً وتجعلها مقاومة للأعشاب الضارة، لا حاجة لأيدٍ عاملة تنتزع تلك الأعشاب أو ترفع الأحجار التي تعيق نمو الجذور. كما أن الحصاد أصبح يتم خلال وقت أقصر بكثير من الوقت الذي كان يستغرقه في السابق، وسرعان ما سيتم استخدام الشاحنات ذاتية القيادة لنقل البضائع، وحراثة الأرض وغيرها من المهام الزراعية.
3. الطباعة والنشر
لا بد وأنك شهدت تدهور هذا القطاع بالفعل؛ فمن منا يشتري الصحف اليوم، في حين يمكنه الوصول إلى آلاف الأخبار والمقالات عبر الإنترنت وبنقرة واحدة! حتى أن غالبية قرّاء الكتب أصبحوا يفضلون الكتب الإلكترونية أو المسموعة، أو يتجهون للحصول على تلك الثقافة من قنوات اليوتيوب التي تعرض ما يتماشى مع اهتماماتهم، ويجيب عن أسئلتهم.
4. أمانة صناديق المتاجر
انتشرت أنظمة الدفع الذاتي بكثرة، وعلى الرغم من أن هذه الأنظمة لا تزال تتطلب إشرافاً بشرياً، إلا أنها مسألة وقت فقط قبل أن تتولى الآلات السيطرة الكاملة على عملية حساب قيمة المشتريات واستلام النقود من المشترين.
5. وساطة السفر وحجوزات الطيران
لقد حلت منصات الذكاء الاصطناعي الإلكترونية مثل Skyscanner وBooking.com وAirbnb محل دور وكلاء السفر بامتياز؛ إذ لم تعد هناك حاجة إلى وسيط عند حجز الرحلات الجوية أو الفنادق. حتى أن المساعدين الرقميين مثل Siri و Google Assistant يمكنهم التعامل مع موضوع الحجوزات. ويمكن القول أن سهولة وإمكانية الوصول إلى حجوزات تذاكر السفر عبر الإنترنت أدت إلى القضاء على الحاجة إلى وكالات السفر التقليدية.
6. الصناعة وتشغيل الآلات
اكتسح الذكاء الاصطناعي المصانع منذ الثورة الصناعية، ولا يزال يطارد عمالته كشبح لا يمكن إيقافه؛ إذ أنه وبعد أن قلّص عدد العمال الذي يحتاجه المصنع الواحد لتصنيع منتجاته، تابع تطوره ليقلل العدد إلى أكثر من ذلك بكثير، ويتوقع أن تقتصر حاجة المصانع إلى عدد أفراد قليل لمتابعة الجودة والحفاظ على سلامة الآلات فقط! وتجدر الإشارة هنا إلى قدرة تلك الآلات الفائقة على فحص أي خلل يحدث فيها خلال عملها، وإشعار العمالة البشرية بذلك، مرفقةً مع تحذيرها طريقة حل المشكلة ببساطة شديدة.
المسارات المهنية في مجال الذكاء الاصطناعي
لا بد وأن تكون نظرتنا متفائلة نحو المستقبل، فقدرة الذكاء الاصطناعي على استبدال العديد من الوظائف تقابلها قدرته على استحداث وظائف لم تكن موجودة سابقاً، ولم نتخيل أن نعمل بها يوماً، وفيما يلي بعض منها:
– تحليل البيانات
يرتكز هذا الاختصاص على تحليل كميات هائلة من البيانات لاكتشاف الأنماط والتنبؤ بالتوجهات المستقبلية، ويساعد المؤسسات والشركات على اتخاذ قرارات منطقية تعتمد على البيانات التي يتم تحليلها بالذكاء الاصطناعي.
– تصميم تجربة المستخدم UI/UX
بالنسبة لعشّاق التصميم، قد تكون مهنة مصمم أو مطور تجربة المستخدم (UX) مثيرة جداً للاهتمام؛ حيث ستتيح لك العمل مع برمجيات الذكاء الاصطناعي، لتتأكد من سهولة استخدامها وتصفحها من قِبل المستخدمين. ويتضمن دورك فهم كيفية تفاعل الأشخاص مع التكنولوجيا وتطبيق هذه المعرفة لإنشاء تجارب استخدام مثالية.
– معالجة اللغة الطبيعية (NLP)
بصفتك مهندس معالجة اللغة الطبيعية (NLP)، ستعمل على سد الفجوة بين اللغة البشرية وأنظمة الكمبيوتر، ويتضمن هذا تطوير تقنيات مثل برامج الدردشة الآلية والمساعدين الافتراضيين وأنظمة التعرُّف على الكلام.
– البحث
ستتعاون كباحث مع علماء الكمبيوتر لاكتشاف طرق جديدة لتحسين تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ويتضمن ذلك معرفتك في مجالات التعلم الآلي والتعلم العميق والإحصاءات الحسابية.
– هندسة البرمجيات
ستطور كمهندس برمجيات في مجال الذكاء الاصطناعي الأطر والبرامج التي تمكن أدوات الذكاء الاصطناعي من العمل، كما ستكون مسؤولاً عن بناء نماذج الذكاء الاصطناعي من الصفر، وترجمة البيانات المعقدة إلى نتائج مفهومة لمسؤولي تصنيع المنتجات وأصحاب المصلحة. وسيكون مسماك الوظيفي مطور أو مبرمج ذكاء اصطناعي.
– هندسة الروبوتات
إذا كنت شغوفاً بالروبوتات، يمكنك أن تصبح مهندس روبوتات تصمم وتبني وتختبر عمل الروبوتات أو الأنظمة الروبوتية لمختلف الصناعات، بما في ذلك التصنيع والرعاية الصحية. كما ستقوم بتطوير أنظمة تحليل البيانات المرئية، وتطبيقات المركبات ذاتية القيادة والتصوير الطبي.
كيف يمكنك المحافظة على مستقبلك المهني مع الذكاء الاصطناعي؟
إن الذكاء الاصطناعي يحوّل مسار الأحداث كما ترى، وسيدفن في طريقه العديد من الوظائف ويزرع أخرى.. وما يميزنا نحن البشر، قدرتنا العظيمة على التكيّف في سبيل البقاء. لذا علينا أن نتعلم كيف نعيش في عصر الآلة ونتعامل مع أحداثه، وهذا يتضمن تعلّم كل ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي ولغة الآلة، وتطوير مهاراتنا من خلال الكتب والدورات التدريبية؛ لنتمكن من التقدم وظيفياً في مجالاته المستحدثة. فلا تدري.. قد تكون أنت من ترسم خارطة الطريق!